الـــســــلام عـلــيــكــم ورحـــمــــة الله وبــركـــاتـــه
|
|
كــنــت (أظــــن) أن "الــظــن" هــــو مــــرادف "لـلـشــك"..
|
أمــا أن يـكـون "الـظـن" مــرادف "لليقـيـن" فـهــذا مـالــم أعـرفــه!!
|
وكـــأنـــي لــــــم أقــــــرأ قـــولــــه تــعــالـــى:
|
((يـظــنــون أنــهـــم مُــلاقـــوا ربــهـــم)) الــبــقــرة 46
|
((وظــنــوا أن لامـلـجــأ مــــن الله إلا إلــيــه)) الـتــوبــة 118
|
فراجعت معنى (وظنوا) الوارد بسورة التوبة في الكشاف للخوارزمي ووجدته بمعنى "علموا"
|
وراجعت كلمة "الظن" بصفة عامة في كتاب العين فوجدتها تأتي بمعنـى الشـك واليقيـن!
|
الذي دفعني لهذا التساؤل هو تفسير الدينوري في "الشعر والشعراء" لبيت أوس بـن حجـر:
|
|
|
فقومي وأعدائي يظُنُونَ أننيمتى يُحْدِثوا أمثالهـا أتكلَّـمِ
|
ففسر "يظنون" بـ "يوقنون" وقال:"وليس من ظن الشك"
والحق أقول أنه لم يرد علي قبل بيت أوس هذا أي بيت تأتي به الظنون بمعنى اليقين!
يقول النابغة:
|
أتيتك عارياً خلقـاً ثيابـيعلى خوفٍ تُظَنُّ بيَ الظُّنونُ
|
ملاحظة:في كتاب العين وردت كلمة"دهشاً" بدلاً من "خوفٍ"
ويقول من لا أعرفه(بالمناسبة من قائل هذا البيت؟؟):
|
عصفت بي الظنون من كل صوبٍوسقانـي العـذول مُـرّ المـذاقِ
|
فهل من يزيل الشك من نفس بوحمد نحو حقيقة الترادف بين الظن واليقين؟
كما راجعت فصلي الشك واليقين والظن في نجعة الرائد (وجزى الله خيراً معلمتي الفاضلة أنوار الأمل وأخي (ابو سارة)، فلم أجد به ما يثبت أن اليقين مرادف للظن (بل على العكس فهو يثبت الظن للشك).
وأورد هذا الجزء من نجعة الرائد للتحقق
فصل في الشك واليقين
يقال شككت في الامر ، وارتبت فيه ، واستربت ، وتريبت ، وامتريت ، وتماريت ، وخامرني فيك شك ، وداخلني فيه ريب ، وتنازعتني فيه الشكوك ، وتجاذبتني فيه الظنون ، وحك في صدري منه شيء ، واحتك ، وتخالج في صدري منه اشياء . ويقال تخالج هذا الشيء في صدري ، واختلج ، اذا نازعك فيه شك ، وقد رابني الامر ، وأرابني ، ورابني فيه شك ، وهو امر مريب ، وفلان من هذا الامر في شك مريب ، وهو في ليل من الشك مظلم . وفي المثل كفى بالشك جهلا . وتقول قد ترددت في صحة هذا الامر ، وتوقفت ، وتثبت ، وهذا امر لست منه على يقين ، وامر لا أثبته ، ولا أحقه ، ولا أوقنه ، ولا أقطع به ، ولا أجزم بوقوعه ، ولم يثبت عندي ، ولم تتحقق لي صحته ، وقد شككت فيه بعض الشك ، وعندي في هذا كل الشك ، وهذا امر لا يطمأن اليه بثقة ، ولا تناط به ثقة ، ولا يخلد اليه بيقين ، واني لعلى مرية منه ، وعلى غير بينة منه ، وعلى غير يقين . ويقال فلان يؤامر نفسيه ، اذا اتجه له في الامر رأيان . ورأيت فلانا فجعلت عيني تعجمه ، اذا شككت في معرفته كأنك تعرفه ولا تثبته .
ويقال في ضد ذلك قد ايقنت الامر ، وتيقنته ، واستيقنته ، وحققته ، وتحققته ، وأثبته ، وعلمته ، يقينا ، وعلمته علم اليقين ، وهو امر لا شك فيه ، ولا مرية ، ولا امتراء ، ولا يعتريني فيه شك ، ولا تعترضني فيه شبهة ، وأمر لا ظل عليه للريب ، ولا غبار عليه للشك ، وهو امر بعيد عن معترك الظنون ، وهو بنجوة عن الشك ، وبمعزل عن الشك ، وقد تجافى عن مواطن الريب ، وخرج من سترة الريب الى صحن اليقين . وتقول قد انجلى الشك ، وانتفى الريب ، ونسخ اليقين آية الشك ، وانجلت ظلمات الشكوك ، وانحسر لثام الشبهات ، وأسفر وجه اليقين ، وأشرق نور اليقين ، ولاحت غرة اليقين ، وظهر صبح اليقين . وقد وقفت على جلية الامر ، واطلعت على حقيقته ، وانا على بينة من هذا الامر ، وانا منه على يقين جازم ، وقد علمته عن يقين عيان . وهذا امر لا يعقل ان يكون الا كذا ، وقد ثبت بالبينات الواضحة ، والحجج الدامغة ، وثبت بالدليل المقنع ، وشهدت بصحته التجربة ، وقامت عليه أدلة الوجدان ، وأيده شاهد العقل والنقل ، وتناصرت عليه أدلة الطبع والسمع .
فصل في الظن
يقال اظن الامر كذا ، وأحسبه ، وأعده ، وإخاله ، وأحجوه ، وهو كذا في ظني ، وفي حسباني ، وفي حدسي ، وفي تخميني ، وفي تقديري ، وفيما أظن ، وفيما أرى ، وفيما يظهر لي ، وفيم يلوح لي . وأنا أتخيل في الامر كذا ، وأتوسم فيه كذا ، ويخيل لي انه كذا ، ويخيل الي ، وقد صور لي أنه كذا ، وتراءى لي انه كذا ، وتمثل في نفسي انه كذا ، وقام في نفسي ، وفي اعتقادي ، وفي ذهني ، ووقع في خلدي ، وسبق الى ظني ، والى وهمي ، والى نفسي ، وأشرب حسي أنه كذا ، ونبأني حدسي أنه كذا ، وأقرب في نفسي أن يكون الامر كذا ، وأوقع في ظني ان يكون كذا . وهذا هو المتبادر من الامر ، والغالب في الظن ، والراجح في الرأي ، وهذا أظهر الوجهين في هذا الامر ، وأمثلهما ، وأشبههما ، وأشكلهما ، وهذا أقوى القولين ، وأرجحهما ، وأدناهما من الصواب ، وأبعدهما من الريب ، وأسلمهما من القدح . وتقول فلان يقول في الأمور بالظن ، ويقول بالحدس ، ويقذف بالغيب ، ويرجم بالظنون ، وقال ذلك رجما بالظن ، وانما هو يتخرص ، ويتكهن ، وقد تظنى فلان في الامر ، وأخذ فيه بالظن ، وضرب ، في أودية الحدس ، وأخذ في شعاب الرجم . وهذا امر لا يخرج عن حد المظنونات ، وانما هو من الظنيات ، ومن الحدسيات ، وانما هذا حديث مرجم . وتقول كأني بزيد فاعل كذا ، وظني أنه يفعل كذا ، واكبر ظني ، وأقرب الظن أنه يفعل كذا ، ولعل الامر كذا ، ولا يبعد ان يكون الامر كذا ، وأحر به ان يكون كذا ، وأحج به ، وأخلق به ، وما أحراه ان يكون كذا . ويقال افعل ذلك على ما خيلت أي على ما أرتك نفسك وشبهت وأوهمت . وفلان يمضي على المخيل أي على ما خيلت . وسرت في طريق كذا بالسمت أي بالحدس والظن . ويقال حزر الامر ، وخرصه ، اذا قدره بالحدس ، وخرص الخارص النخل والكرم اذا قدركم عليه من الرطب او العنب ، والاسم من ذلك الخرص بالكسر يقال كم خرص ارضك أي مقدار ما خرص فيها . وأمته مثل حزره يقال ائمت لي هذا كم هو أي احزره كم هو ، وتقول كم أمت ما بينك وبين بلد كذا أي قدر ما بينك وبينه .
وتقول فلان صادق الظن ، وصادق الحدس ، صادق الفراسة ، صادق القسم ، وانه ليصيب بظنه شاكلة اليقين ، ويرمي بسهم الظن في كبد اليقين ، وانه ليظن الظن فلا يخطئ مقاتل اليقين ، وانه لرجل محدث أي صادق الفراسة كأنه قد حدث بما يظنه ، وفلان كأنما ينطق عن تلقين الغيب ، وكأنما يناجيه هاتف الغيب ، ويملي عليه لسان الغيب . ويقال فلان جاسوس القلوب اذا كان حاذق الفراسة ، وان له نظرة تهتك حجب الضمير ، وتصيب مقاتل الغيب ، وتنكشف لها مغيبات الصدور ، ويقال هذه فراسة ذات بصيرة أي صادقة . وتقول لمن أخبر بما في ضميرك قد أصبت ما في نفسي ، ووافقت ما في نفسي ، ولم تعد ما في نفسي ، وكأنك كنت نجي ضمائري ، وكأنك قد خضت بين جوانحي ، وكأنما شق لك عن قلبي .
وتقول فلان فاسد الظنون ، كاذب الحدس ، كثير التخيلات ، وقد كذب ظنه في هذا الامر ، وأخطأت فراسته ، وكذبته ظنونه ، وطاش سهم ظنونه ، وقد أبعد المرمى ، ورمى المرمى القصي ، وهذا وهم باطل ، وخيال كاذب ، وهذا امر لا أتوهمه ، وأمر يبعد من الظن ، ويبعد في نفسي ان يكون الامر كذا ، وهذا ضرب من الخرص ، ومن التخرص ، وهذا من فاسد الأوهام ، ومن بعيد المزاعم