حكيم عبدالعزيز حكيم*
إن قرار إجراء عملية من عمليات تخفيض الوزن لابد وأن يتخذ بعد تفكير عميق وعزيمة على متابعة نتائج الجراحة على المدى الطويل، فماهي الإشكالية التي تحدث عندما يهمل كلا من المريض والجراح متابعة الحالة الجديدة في نظام القناة الهضمية الجديدة؟
توسعت خبرات الكادر الصحي في جراحات السمنة وما يترتب عليها سواء أكانت نتائج في صالح المريض أو آثار جانبية تختلف باختلاف نوع الجراحة. فقد أظهرت عدد من الدراسات في العقد الأخير نجاح جراحة تحوير الأمعاء في خفض نسبة الإصابة بالذبحة القلبية أو الأمراض القلبية-الوعائية الأخرى الشائعة في مرضى السمنة المفرطة. كما أظهرت دراسات حديثة نجاح جراحتي التحوير وقص المعدة الأنبوبي أو التكميم في تحسين مستويات سكر الدم في مرضى السكري النوع 2 دون الحاجة للاستمرار في استخدام الأدوية. ورغم هذه النتائج الإيجابية إلا أن الآثار السلبية المترتبة على هذه العمليات أصبحت تلاحظ بجلاء عند انخفاض مستويات المعادن والفيتامنيات.
لا يمكن لوم جراحات السمن بالإطلاق على أنها العامل الوحيد لفقد الفيتامينات للخاضعين لها. فقد أظهرت دراسات مسح أن مرضى السمنة المفرطة مصابون بنوع من أنواع سوء التغذية بسبب انخفاض مستويات الفيتامينات والمعادن لديهم قبل خضوعهم للجراحة، لذلك قد تتفاقم حالة المرضى بعد خضوعهم للجراحة فتظهر الأعراض على المريض بشكل أسرع. هذه الإشكالية حدت بالجراحين التركيز على عملية تكميم المعدة عوضا عن تحوير الأمعاء لتخفيف وقع الأخيرة على مستوى الفيتامينات والمعادن. فما يحدث في جراحة التحوير هو إقصاء الجزء العلوي من الأمعاء عن عملية الامتصاص ولسوء الحظ أن القسم العلوي من الأمعاء يعتبر القسم الأساس في امتصاص شتى أنواع فيتامينات مجموعة باء باستثناء فيتامين ب12 الذي يمتص في نهاية الأمعاء الدقيقه معتمدا على بروتين حامل للفيتامين يطرح في المعدة. علما بأن عملية التحوير تشمل إجراء قص للمعدة لتكوين جيب صغير مما قد يتسبب في نقص هذا الفيتامين.
إن الفقد الشديد لفيتامينات باء لها وقع واضح على المرضى الخاضعين للجراحه مالم يلتزم بمتابعه دقيقه. فعلى سبيل المثال تعتبر فيتامينات الفولات و ب12 هامه للغاية لخلية النخاع الأولية بالتالي فإن فقد هذين الفيتامينين يؤثر على كريات الدم الحمراء وبالتالي الدخول في مشكلة فقر الدم (الأنيميا) بل إن فقدهما إضافة لفقد فيتامين ب6 قد يؤدي إلى تجمع مادة الهوموسيستين في الدم و بالتالي رفع نسبة الإصابة بالجلطات الوريدية او الإصابة بأمراض الأوعية وهنا يبرز السؤال هل تطفئ هذه السلبيات النتائج الإيجابية للجراحة عند إهمال المتابعة؟ ومن ناحية أخرى قد يتشكى بعض المرضى من أعراض عصبية بفقد الفيتامين ب12 او ب 6 أو ب1 فمثلا القئ المتكرر والذي يلاحظ في المرضى الخاضعين لعملية تحزيم المعدة قد يؤدي إلى فقد فيتامين باء 1 ومن ثم ظهور اعراض مثل الذهول عليهم. لذلك لابد من تعويض فيتامينات مجموعة باء بعد عملية التحوير بشكل أساسي، وقد يحتاج الخاضعون لهذه الجراحة الى كميات أكبر من الموجودة في حبوب متعدد الفيتامينات لاستخدام الفرد العادي، بينما يحتاج الخاضعون لجراحة تكميم المعدة تعويض فيتامين ب 12 بشكل أساسي بدءاً من الشهر السادس من العملية. ومن المعادن التي يمكن متابعة مستوياتها في الدم الحديد والزنك والسياينيوم والكروميوم، حيث أن فقدها قد يؤدي لمشاكل صحية كبيرة مثل اعتلال عضلة القلب بفقد السيلينيوم المتواصل والشديد.
الجدير بالذكر أن هناك أدوية قد يستخدمها المريض بعد العملية قد تفاقم فقد المعادن أو الفيتامينات، مثلا استخدام دواء الحموضة المعروف بالاوميبرازول قد يفاقم مشكلة امتصاص الحديد وفيتامين باء 12، بل أحيانا قد يتسبب العلاج التعويضي للمعادن بمفاقمة مشكلة أخرى مثل ابتلاع حبوب الكالسيوم والحديد بنفس الوقت، متسببا باتحاد الكالسيوم والحديد معا في القناة الهضميه ومن ثم عدم امتصاصهما.
لذلك لابد للخاضعين لعمليات السمنه الانتظام في متابعة مستويات المعادن والفيتامينات تحت اشراف طبي متخصص للوصول إلى النتائج المرجوة لهذه العمليات.