لسوء الحظ لم تقلّ حتى الآن مخاطر تعرض الناس إلى الجلطات القلبية، على الرغم من التقدم التقني الطبي الذي جرى خلال الـ100 سنة الماضية. ولكن، ولحسن الحظ في ذات الوقت، فإن الوعي الصحي الجيد والعلاج المبكر يستطيعان إنقاذ حياة 60 ألف إنسان من مجموع 210 آلاف يتعرضون سنويا إلى جلطة القلب في ألمانيا.
تشخيص أدق
يقول أطباء القلب الألمان من عيادة باد نوياونهاوزن، في نبذة من تقريرهم المزمع تقديمه إلى مؤتمر أطباء القلب في استوكهولم في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، إن أحد أسباب بقاء نسبة الوفيات العالية هو جهاز تخطيط القلب (ECG)، الذي بلغ عمره هذه الأيام 100 سنة! ونصح الأطباء الألمان زملاءهم الأطباء والمرضى بعدم الاكتفاء مستقبلا بتخطيط القلب لاستبعاد خطر الجلطة المحتملة، والاعتماد مستقبلا على جهاز التخطيط الجديد Cardiogoniometer (الكارديوغونيوميتر) أوCGM.
وتثبت دراسة أجراها هؤلاء الأطباء أن جهاز «الكارديوغونيوميتر» أكثر نجاحا 250 في المائة من جهاز «اليكتروكارديوغراف» ECG للتخطيط الكهربائي في تشخيص الجلطة القلبية.
بل إنه يفرق بين الجلطة والذبحة الصدرية ويخبر أيضا عن الجلطات «الصامتة» أو الخفية التي لا تكشف عن نفسها بالأعراض المعروفة. وكانت دراسة أميركية من جامعة كاليفورنيا قد كشفت في دورة مؤتمر ستوكهولم في العام الماضي 2010 أن جهاز تخطيط القلب الكلاسيكي يفشل في الكشف عن ثلثي الجلطات. كما كشفت أن ECG لا يتنبأ إلا قليلا بالجلطات التي تهدد بالحدوث، كما أنه يخطئ كثيرا في التفريق بين الجلطة والذبحة الصدرية، ولا يكشف سوى 4 من 5 حالات ذبحة صدرية. في ذات الوقت فإن تحليل الدم لا يكشف سوى عن 50 في المائة من الجلطات، وذلك بعد ثوان من حصول الجلطة.
جهاز متطور
جهاز CGM، الذي تم عرضه لأول مرة في عيادة بادن بادن الألمانية في 20 أكتوبر من العام الماضي، نجح كل مرة بالكشف عن مخاطر الجلطة خلال 12 ثانية. ويظهر الجهاز الصغير، والمتنقل، النتائج على الشاشة مباشرة.
وتعتمد الطريقة على ربط 5 أقطاب على صدر وظهر المريض، وهذا يمنح الجهاز إمكانية تخطيط القلب ومقارنتها ببعضها 3 مرات، وهو ما يرفع نسبة الكشف عن الجلطات إلى 70 في المائة، فضلا عن ذلك، فإن الجهاز رخيص ويمكن أن يخفف أعباء المرضى والأطباء وشركات التأمين الصحي على حد سواء.
يأتي المريض إلى العيادة وهو يشكو من الأعراض الاعتيادية لمخاطر الجلطة، وهي ضعف التنفس والألم في الصدر الذي يمتد إلى الذراع اليسرى. ويمكن لجهاز التخطيط القديم أن يلعب دورا مهما في موت المريض حينما يخطئ في تشخيص الجلطة، ويرسل الطبيب المطمئن مريضه المطمئن أيضا إلى البيت. ويقول الأطباء الألمان إن جهاز CGM أنقذ حياة الكثيرين بعد أن شخص الجلطات المحدقة في عيادة بادن بادن، وكان ذلك بعد أن فشل جهاز ECG في تشخيصها.
قلب النساء
تتعرض النساء عادة إلى مخطر أقل في الإصابة بجلطات القلب، لكن نسبة الوفيات بسبب الجلطة بين النساء أعلى. ويقول الأطباء إن الجهاز سينقذ حياة آلاف النساء مستقبلا، لأنه قادر على التشخيص المبكر للحالات.
فالإحصاءات تشير إلى أن نصف النساء (50 في المائة) يوافيهن الأجل عند تعرضهن لجلطات القلب، وهي نسبة ترتفع عن نسبة وفيات الرجال بشكل واضح.
السبب ليس بيولوجيا كما يعتقد الأطباء، وإنما زمنيا، لأن الرجال يصلون إلى المستشفيات خلال ساعتين كمعدل بعد تعرضهم للأعراض المعتادة المتمثلة بألم الصدر وضيق التنفس، لكن النساء يصلن عادة 15 - 30 دقيقة متأخرات عن الرجال كمعدل.
ومعروف أن كل دقيقة أسرع في تشخيص حالة جلطة القلب يمكن أن تنقذ حياة المريض، فما بالكم بثلاثين دقيقة؟! ويعتقد الأطباء أن الأعراض تظهر لأسباب مجهولة، متأخرة عند النساء عنها في الرجال، ويمكن هنا لجهاز التشخيص السريع والدقيق CGM أن «يجبر قلوب» الكثير من النساء.
منقول