متلازمة التعب المزمن،
و التي تعرف أيضاً باسم التهاب الدماغ و النخاع المؤلم للعضل، هي حالة لها مجموعة متعددة من
الأعراض، لكن أهم ما يميز هذه الأعراض هو الإحساس ألم عميق في العضلات بعد الإجهاد البدني.
كان بعض الأطباء يشككون فيما إذا كانت متلازمة التعب المزمن مرض حقيقي أم مجرد وهم.
إلا أنه من الحري بتقرير ضابط الصحة الرئيسي لإنجلترا عام 2002 أن يكون قد حسم هذا الجدل، و الذي
خلص إلى أن متلازمة التعب المزمن/التهاب الدماغ و النخاع المؤلم للعضل هو حالة موهنة و حقيقية.
و تصنف كذلك منظمة الصحة العالمية متلازمة التعب المزمن على أنها اضطرابات عصبية. و في
عام 2004، أعلن قسم الصحة عن تخصيصه مبلغ 8.5 مليون جنيه لخدمات اختصاصية جديدة تعالج
متلازمة التعب المزمن ، خمسون منها حالياً في طريقها للافتتاح أو تحت الإنشاء. و قد أدرك
مجلس البحوث الطبية أن إجراء بحوث أخرى على هذا المرض هو متطلب ملح.
من المعرضون للإصابة بمتلازمة التعب المزمن/التهاب الدماغ و النخاع المؤلم للعضل؟
يقدر عدد المصابين بمتلازمة التعب المزمن من 0.2% إلى 0.4% من إجمالي عدد السكان. و يصيب
هذا المرض أفراداً من كافة شرائح المجتمع و المجوعات العرقية، و يسود عند النساء بمعدل الضعف.
و يمكن لمتلازمة التعب المزمن أن تظهر في أي سن، حتى عند الأطفال في سن السابعة.
و يتراوح السن السائد لبداية المرض ما بين أوائل العشرينات و منتصف الأربعينات.
*كيف أعرف أني مصاب بمتلازمة التعب المزمن ؟
إن الإحساس بالتعب المزمن هو من أكثر الأسباب شيوعاً بين الناس و التي تستدعيهم
لاستشارة أطبائهم لكن نسبة قليلة فقط يتم تشخيصهم بمتلازمة التعب المزمن.
و أهم العلامات المميزة هي شعور عارم بالتعب يتبع أي شكل من أشكال الإجهاد
البدني، يصاحبه مشكلات أخرى تشمل الذاكرة و التركيز.
ولا ينبغي تشخيص كل من يشعر بمجرد إعياء بسيط على الدوام بأنه مصاب بمتلازمة التعب المزمن.
*و من الأعراض الشائعة الأخرى:
- ألم و/ أو رعشة في العضلات
- ألم في المفاصل لكن بدون تورم أو احمرار مفصلي
- شعور شبيه بأنفلونزا مستمرة
- أنماط مختلفة من الصداع الذي قد يشابه الشقيقة في طبيعته
- مشاكل في التوازن
- نمط نوم غير مريح
- التهابات الحلق
- غدد متضخمة
- عدم تحمل درجات الحرارة القصوى
- نقصان ضغط الدم الوضعي (ضغط دم منخفض)
- حساسية للضوء الساطع و الضوضاء العالية
يحدث الاكتئاب في بعض الأحيان في أثناء تطور المرض، و الذي غالباً ما يرتبط بالتأثيرات
الموهنة التي تُحدثها متلازمة التعب المزمن و المشكلات الاجتماعية التي تنشأ من جرائها.
يمكن لعدد كبير من الأمراض الأخرى أن تسبب أعراض مشابهة لأعراض متلازمة التعب المزمن.
و تشمل هذه الأعراض فقر الدم و الداء الزلاقي و التهاب الكبد و الذئبة و انخفاض
وظائف الغدة الدرقية و التصلب المتعدد.لذلك من الواجب دوماً أن يشتمل التقويم الطبي المبدئي
على مجموعة واسعة من فحوصات الدم لاستبعاد أي أسباب أخرى للتعب المستمر.
و يمكن أيضاً لمتلازمة التعب المزمن أن تتداخل مع حالات أخرى كالألم الليفي
العضلي (ألم منتشر في العضلات و المفاصل) و متلازمة القولون المتهيج.
*ما هي مسببات هذا المرض؟
يقترح البحث أنه من الممكن أن تكون متلازمة التعب المزمن مرض على ثلاثة مراحل يشتمل
على عوامل مُؤَهِّبة و عوامل مُؤَرِّثة و عوامل دائمة على الرغم من أن الأسباب
الجوهرية الأساسية لهذا المرض مازالت غير مؤكدة.
و تتضمن العوامل المُؤَهِّبة على القابلية الجينية، و هنالك دليل على انتشار متلازمة التعب المزمن
/التهاب الدماغ و النخاع المؤلم للعضل في بعض العائلات انتشاراً أوسع منه في عائلات أخرى.
و تتضمن العوامل المُؤَرِّثة على الأخماج و على الأخص تلك الشبيهة بهجمات الأنفلونزا. و ظهر أن
التحصينات و التعرض للمبيدات الحشرية من شأنه كذلك التسبب ببداية المرض في حالات قليلة.
و تشتمل العوامل الدائمة على اضطرابات عصبية و مناعية و هرمونية، و التي يبدو أنها
تنشأ من جراء العدوى البادئة.
و نتيجة لذلك هناك تغييرات على الهرمونات المختلفة و الناقلات الكيميائية للدماغ إضافة
إلى آليات التحكم في الدماغ و التي تنظم النوم و النشاط و درجة الحرارة و ضغط الدم.
*كيف يمكن معالجة متلازمة التعب المزمن/التهاب الدماغ و النخاع المؤلم للعضل؟
يتم تقييم عدد من الأدوية على الرغم من أنه لا يوجد حالياً معالجة دوائية شافية،
أو علاج له تأثير على عملية المرض الأساسية.
و تشمل هذه الأدوية على الأمبليجين ( عقار مضاد للفيروسات و معدل لجهاز المناعة)،
و المودافينيل ( و التي عادة ما يستعمل لعلاج النوم القهري – أحد اضطرابات النوم النهاري)
، و جرعات قليلة من الهيدروكورتِيزُون ( لأن أحد اضطرابات الهرمونات يتضمن
انخفاض في مستوى الكورتيزول في الدم)
و ما عدا ذلك، فإنه يتم ادخار الأدوية للمعالجة العرضية للألم، و اضطراب النوم، و أعراض مقلقة أخرى.
فعلى سبيل المثال، إن أخذ جرعة قليلة من دواء يسمى بالأميتريبتيلين قبل النوم
بفترة وجيزة يمكن أن يكون مفيدا ًجداً للألم و اضطراب النوم.
لكن من الضروري استعمال الدواء بعناية لأن الأشخاص المصابين بمتلازمة التعب المزمن
غالباً ما يكونون شديدي الحساسية للأدوية، و خصوصاً تلك التي تعمل على الجهاز العصبي.
و يخبر الأشخاص المصابون بمتلازمة التعب المزمن بأن أكثر ما يفيدهم من أشكال المعالجة
يتضمن عملية تعرف بالإنظام، والتي يتم فيها الموازنة بحذر بين مستويات النشاط الذهني
و مستويات النشاط البدني لتعكس مرحلة المرض و حدته.
و الهدف هو تحديد مستوى النشاط الذهني و البدني الذي يرتاح له المرضى ،
و من ثم محاولة زيادة مستويات النشاط بشكل تدريجي ضمن تقييدات يومية.
*ماذا عن المعالجات البديلة؟
يتجه العديد من الناس إلى العلاجات البديلة و العلاجات التكميلية بعد أن أخفق
الطب الحديث في تقديم جواب كافٍ لمتلازمة التعب المزمن.
وللوخز بالإبر و العلاج بالروائح و العلاجات العشبية و المعالجة المِثلِيَّة و
المساج شعبية كبيرة-على الرغم من وجود جدل حول مزاياها.
ولم يتم إخضاع هذه المعالجات إلى تقويم إكلينيكي لائق باستثناء قلة منها –كالمعالجة المثلية
و التي أظهرت تجربة إكلينيكية حديثة بأن لها بعضاً من الفوائد الضئيلة.
و تعد تقنيات الاسترخاء مفيدة جداً لأولئك الأشخاص الذين يحتمل كون الإجهاد لديهم أحد عوامل المرض.
و للمكملات الغذائية و الفيتامينات شعبية كبرى كذلك – على الرغم من عدم وجود دليل على أي عوز معتد.
و يقترح تقرير حديث من الباحثين في مستشفى همرسميث في لندن أن المكملات
الغذائية المسماة بإي بي أي (حمض ايكوسابانتانويك ) قد تكون مفيدة بعض الشيء.
*ما هي توقعات سير المرض؟
إن هذا الأمر شديد التباين حيث يتحسن الأكثرية بعض الشيء بعد المرحلة الأولية الحادة –
على الرغم من أن هذا الأمر غالباً ما يستغرق وقتاً طويلاً ، و العودة إلى صحة طبيعية تامة شيءٌ نادر.
و ما إن تستقر حالة المرض حتى ينحى منحى متقلباً عند الأغلبية يتخلله فترات هدأة و نكسة نسبية
- و التي غالباً ما تمتد لسنوات عوضاً عن أشهر-.
و من ضمن الأسباب الشائعة المسببة للنكسة: الإصابة بعدوى أخرى، أو إجراء
عمليات، أو التعرض لإجهاد بدني أو ذهني مفرط.
و تبقى أقلية قليلة لكن مهمة – ربما حوالي 25% - شديدة الإصابة به.
و يُعتقد في الوقت الحاضر أن التشخيص المبكر، و عمل التعديلات المناسبة على أسلوب الحياة، و
الحصول على نصائح طبية واعية، جميعها عوامل مهمة في تقليل فرص إمضاء فترة طويلة
و عسيرة بصحة عليلة في متلازمة التعب المزمن.
دمتم بالصحة والعافيه